كيف يتوافق الزوجان ؟
بداية علينا توضيح معنى التوافق، وهل التوافق يعني استحالة حدوث أي خلاف؟ معنى التوافق : التوافق يعني تقابل إرادة كل من الزوج والزوجة في جانب أو أكثر من جوانب الحياة، سواء كان الجانب المتعلق بشئون الأسرة الداخلية، أو ذلك المتعلق باتصال الأسرة بالعالم الخارجي، فتوافق الزوجان يترتب عليه ندرة حدوث الخلافات نظراً لتقارب المستوى الفكري والثقافي، بالإضافة لتشابه كبير في طرق التفكير والنظرة للأمور.
هل يعني التوافق استحالة الخلاف؟
قد يتصور البعض أن التوافق معناه استحالة وقوع الخلاف بين الزوجين، وهو ما يتنافى مع المنطق والطبيعة التي خُلقنا عليها، فلا يوجد إنسان يتشابه مع الآخر في كل الجوانب بنسبة مائة بالمائة، بل إن الشخص الواحد قد لا يتشابه مع نفسه في فترة وأخرى، فالتغيرات دائماً ما تكون مصاحبة لمرور الزمن، كما أنها تكون ملازمة لاختلاف الثقافات والجنس والسن.
وبناء على ما تقدم فحتى لو تشابه الزوجان في كل الجوانب سيكون هناك اختلاف بينهما بحكم الطبيعة، فمثلاً إذا تشابها في صفة الصبر سنجد أنهما يختلفان في درجة الصبر فبحكم الطبيعة يتميز الرجل بالقوة الذهنية والنفسية التي تساعده لأن يكون صبوراً إلى أقصى حد، بينما المرأة كثيرة التأثر بالعواطف لذا سنجد أنهما مهما اتفقا فحتماً سيحدث اختلاف ولو بسيط في وجهات النظر أو بعض التصرفات.
وبعد بيان معنى التوافق على النحو السابق علينا أن نوضح بعض الطرق التي تساعد الزوجين على التوافق، وحتى لا يكون الكلام مجرد أفكار وطرق نظرية لا تصلح للتطبيق فسوف نبدأ الحديث بفترة ما قبل الزواج ونوضح كيفية الاختيار الصحيح ثم نمر على بدايات الزواج وكيفية الاستفادة من الخلاف وننتهي بالحديث عن ثقافة الاعتذار وأثرها في النفس، وعلى ذلك سوف يشمل الحديث النقاط التالية:
- فترة ما قبل الزواج
- بدايات الزواج
- الاستفادة من الخلاف
- ثقافة الاعتذار
والآن هيا ننتقل للحديث عن كل بند بوضوح..
فترة ما قبل الزواج
كثير منَّا يغفل أهمية هذه الفترة رغم أنها الأساس الذي تُبنى عليه العلاقة الزوجية، فدائماً نهمل الدراسة الصحيحة لشخصية الطرف الآخر، ونهتم فقط بتبادل المشاعر والعواطف دون التفكير بجدية في الحياة الأبدية التي نخطو لها، ولعل هذا سببا هاماً في عدم التوافق عند بداية تلك الحياة الأبدية لأن ما بُني أساسه على غش لا يكتب له النجاح..
ولا نقصد أبداً بلفظ “الغش” خداع أحد الطرفين للآخر ولكن نقصد خطأ الطرفين المشترك في عدم انتهاج الطريق الصحيح لبناء العلاقة، أما عن كيفية الاختيار الصحيح لشريك الحياة فهو ما سنجيب عنه في السطور التالية…
قبل الاختيار علينا دراسة أنفسنا، فلو بدأ كل شخص بنفسه ستتغير النتائج للأفضل، فمثلاً على كل منَّا أن يسأل نفسه جيداً بعض الأسئلة مثل..
- هل أنا عصبي؟
- هل أنا مؤهل لبناء علاقة زوجية؟
- هل أتقبل الاختلاف في الرأي؟
- هل أنا أمتلك مهارة التواصل؟
وبناء على الإجابات يكون القرار، لأن تلك الإجابات من شأنها أن تجعل الشخص يفهم نفسه جيداً قبل أن ينتقل لمحاولة فهم الآخرين، فمن المستقر عليه في علم النفس أن الشخص عندما يجيد فهم نفسه سيعرف الطريق لفهم الآخرين..
وبمجرد أن يفهم الشخص نفسه سيكون من السهل عليه أن يحدد من الذي يتوافق معه، فلا يعقل أن يعزم الشخص العصبي على الارتباط بآخر يتسم بنفس الصفة..!
ولا يتصور من شخص لا يتقبل الاختلاف في الرأي أن يتوافق مع شخص كثير الجدل أو لديه إصرار على آراءه فهذا حتماً سيؤدي لتصاعد الخلافات بشكل مستمر..
كما أن الشخص غير المؤهل لبناء علاقة لن يستطيع أن يوفي حقوق الطرف الآخر.. وأخيراً ليس آخراً فكيف لشخص لا يمتلك مهارة التواصل أن يقدم على علاقة مع شخص عاطفي يحب التواصل بشكل مستمر..!!
تلك الأسئلة للنفس لا غنى عنها حتى يعرف الشخص ما هو الأساس الذي سيختار عليه شريكه.
بدايات الزواج
من الأخطاء الشائعة التي يقع فيها الكثير هو تصوره أن بمجرد الزواج سننتقل إلى عالم آخر لا يوجد به سوى الترفيه والنزهة والسفر لقضاء الإجازات… وبمجرد انتهاء فترة البداية والتعرف على المسئوليات والواجبات تتغير الحالة المزاجية للطرفين وتختفي معالم الود والعواطف التي كانت موجودة في البداية..!
ويتساءل الكثير ما الذي حدث؟.. وأين الأشخاص الذين كانوا ممتلئين بالشغف والانتظار لتلك الفترة.. هل كان ذلك مجرد وهم؟
الإجابة قد يطول شرحها ولكن ببساطة السبب في ذلك هو عدم الواقعية وانتظار أمور ليست موجودة على أرض الواقع.. فهل من الواقعي أو المنطقي انتظار حياة دون مسئوليات..؟ بالطبع لا.. هذا ما لم يضعه الطرفين في الحسبان وظنا أن القادم سيكون مجرد لهو وترفيه وسعادة بالغة دون أن تصاحبها أية مسئوليات أو اختلافات يجب أن يتم احتواءها.
بالطبع علينا أن نكون على استعداد كامل لحدوث خلافات حتى لا نفاجأ ونقف عاجزين عن مواجهتها عندما تحدث، فالمبالغة في التفاؤل قد تأتي بعواقب يصعب تداركها أو استيعابها، كما أننا علينا أن نضع الأسس السليمة التي تُبنى عليها العلاقة حتى نستطيع مواجهة الخلافات ومن أهم تلك الأسس التسامح، والتراضي، والاستماع..
الاستفادة من الخلاف
إذا حاول الطرفين “الزوجان” استخدام الخلاف لصالحهما وتبادلا وجهات النظر بشيء من الهدوء والحكمة بالتأكيد ستتحقق فائدة كبرى من الخلاف سيكون لها أثر بالغ في أي خلاف قادم، فليس كل الخلافات تؤدي لخسائر، وإنما هناك خلافات فائدتها تكون أكبر ولكن ذلك يحتاج بعض الوعي والصبر والاستعداد للنقاش من جانب الطرفين..
تتحقق الاستفادة من الخلاف حينما يتعرف كل منهما عن نقاط الاتفاق ونقاط الاختلاف مع الآخر، وعند استماع كل منهما للآخر واحترام رأيه ونظرته ينعكس ذلك إيجابياً على نفسية الآخر الأمر الذي قد ينتج عنه تقديم الآخر لبعض التنازلات في سبيل فض النزاع أو الخلاف، فالاحترام وسيلة لحل كثير من الخلافات بين الزوجان أو على الأقل منع تصاعدها، والاستماع وسيلة للوصول إلى نقطة اتفاق، والاهتمام يولد الحب وهو ما قد ينتهي أمامه أي نزاع..
فالخلاف قد يكون فرصة لا تعوض لتعرف كل من الطرفين على الآخر تعرفاً حقيقياً وليس ذلك الذي يكون في البدايات ومحاولة الظهور بمظهر رسمي أكثر من الوضوح بشكل طبيعي، وبعد سرد السطور السابقة يتبين لنا أن وسائل الاستفادة من الخلاف تكمن في ثلاث وسائل (الاحترام، الاستماع، الاهتمام).
ثقافة الاعتذار
الاعتراف بالخطأ من أسمى الفضائل، ولا يعيب الشخص أبداً أن يُعرب عن اعتذاره عن الخطأ، فكما للشخص أن يتباهى بصوابه ويفتخر بنجاحه فعليه أيضاً أن يعترف بخطئه ويقدم الاعتذار بشكل لائق، ومخطئ من يظن أن الاعتذار ينقص من قيمته أو يجعله موضعاً للنقد، بل العكس تماماً هو الصحيح، ولنضرب على ذلك مثالاً..
إذا كان لدينا انتقاد شديد نحو شخص ارتكب خطأ ما وقبل أن نقدم على مهاجمته وتعنيفه فوجئنا بقدومه للاعتذار.. أليس ذلك سبباً كافياً لأن نهدأ قليلاً..؟ ألا يكون ذلك سبباً لأن يزداد احترامنا لذلك الشخص.. بالطبع نعم.. وهذا ما نريد إيصاله.
وإذا كانت ثقافة الاعتذار واجبة في التعاملات عموماً فمن باب أولى تطبيقها بين الزوجان فهما شركاء العمر، والشريك هو أولى الناس بالاعتذار عند ارتكاب خطأ في حقه أو التقصير نحوه بأي شكل، ومن أفضل ما ينتج عن الاعتذار هو تقبل الشريك الآخر لأي خلاف يحدث فيما بعد نظراً لانتفاء طابع المهاجمة والنقد عن العلاقة وهذا من شأنه أن يزيد من الود والتآلف.
مصادر مقالة “كيف يتوافق الزوجان” : العلاقات الزوجية